نفي العلم يقتضي نفي الفقه بخلاف نفي الفقه فإنه لا يقتضي نفي العلم

2020-09-26
نفي العلم يقتضي نفي الفقه بخلاف نفي الفقه فإنه لا يقتضي نفي العلم
اللطيفة المائة وثمانية عشر من تفسير سورة التوبة من كتاب تجريد التأويل للشيخ عبد القادر شيبة الحمد حول نفي العلم يقتضي نفي الفقه بخلاف نفي الفقه فإنه لا يقتضي نفي العلم.

وقوله عز وجل: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93]، وهو شبيه بالآية السابعة والثمانين من هذه السورة، غير أنه في هذا المقام جعله جزء آية، وفي الآية السابعة والثمانين جعله آية كاملة.

كما أنه في المقام الأول قال: {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 87]، وفي هذا المقام قال: {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93]، وهذا لون من التصريف البلاغي فحذف الفاعل في المقام الأول وبنى الفعل لما يسم فاعله، وفي المقام الثاني سمى الفاعل فبنى الفعل لما سمى فاعله.

وفي المقام الأول قال: {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 87]، فسلب منهم الفقه وفي المقام الثاني سلب منهم العلم، وهذا شبيه يقوله عز وجل في سورة (المنافقون): {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 7-8]، فنفى عنهم الفقه أولاً ثم نفى عنهم العلم ثانياً، ولا شك أنه لو نفى العلم أولاً لم يكن لنفي الفقه بعد ذلك معنى، لأنه نفي العلم يقتضي نفي الفقه بخلاف نفي الفقه فإنه لا يقتضي نفي العلم، فمن انتفى عنه العلم التحق بالدواب والأنعام وخرج من سلك أهل الإدراك والعقل الإنساني.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص174

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق