لا يجوز التكليف بالمحال
يشترط في الفعل المكلف به ثلاثة شروط: الأول: أن يعلم المأمور به حقيقته وأنه مطلوب منه، الثاني: أن يكون معدوماً، الثالث: أن يكون ممكناً، وعلى هذا فلا يجوز التكليف بالمحال، وهو مذهب محققي أهل السنة والمعتزلة، واختاره الموفق وابن الحاجب، لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}؛ ولأن التكليف طلب، والطلب يستدعي مطلوباً تحصل به الطاعة، والمحال لا يمكن طلبه كما يستحيل من العاقل طلب الخياطة من الشجر.
وجوَّز الجبرية التكليف بالمحال، مستدلين بقوله تعالى: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}؛ لأنهم سألوا دفعه ولو كان ممنوعاً ما سألوه؛ ولأن الله كلف أبا جهل بالإيمان مع علمه أنه لن يؤمن.
وأجاب المانعون بأن معنى قوله تعالى: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}، أي: ما يشق، كقوله: {اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ}. وتكليف أبي جهل بالإيمان غير محال؛ لأن الأدلة منصوبة أمامه وعقله حاضر، ولكن الله علم منه أنه يترك ما يقدر عليه حسداً وعناداً، وهذا معقول كما قلت لصحيح معافى: قم افتح الباب فلم يفتحه وأنت تعلم أنه معاند، بخلاف ما لو قلت لمريض عاجز عن القيام: قم افتح الباب.
إمتاع العقول بروضة الأصول: ص14
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق