مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أهم أسباب الهزيمة

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للرماة وأميرهم: (لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا)، حتى قال لهم: (إن رأيتمونا تخطّفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم)، فلما التقى الجمعان أخذ المسلمون يحصدون المشركين حصدًا، فهرب المشركون حتى لحق بعضهم بالطائف وهربت نساؤهم إلى الجبل يشتددن فيه ورفعن عن سوقهن، حتى بدت، خلاخيلهن، فلما رأى الرماة ذلك نسوا وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم وأخذوا يقولون: الغنيمة الغنيمة، فنهاهم أميرهم عبد الله بن جبير عن النزول، وأمرهم بالثبات في مكانهم تنفيذًا لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكنهم في غمرة فرحتهم بهذا النصر اندفعوا إلى أرض المعركة يجمعون الغنائم، ففطن لهم خالد بن الوليد، وكان على خيل المشركين في مائة فارس، فاستدار من ورائهم، وكان عبد الله بن جبير أمير الرماة لم يبرح مكانه، حتى استشهد - رضي الله عنه -، وأخذت فرسان المشركين تصيب المسلمين، وأخذ كثير من المسلمين يصعدون ولا يلوون على أحد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابت يناديهم في أخراهم: إليَّ عباد الله، إليَّ عباد الله، ولم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اثني عشر رجلًا، وقد صرخ إبليس بالمشركين المنهزمين: أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم، والتحموا في المعركة مع المسلمين، وأصاب المسلمين غمٌّ شديد حتى صار يضرب بعضهم بعضًا وهم لا يشعرون.

القصص الحق في سيرة سيد الخلق: ص250