إبليس ليس من الملائكة
وإبليس لم يكن من الملائكة، وإنما كان من الجن، وكان له ذرية، وليس للملائكة ذرية فهم لا يتناسلون، وقد نص القرآن الكريم على ذلك في قوله عز وجل في سورة الكهف: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50]، ولا شك أن العرب يستثنون من المتصل ومن المنقطع فيقولون: قام القوم إلا زيداً، فيستثنون من الجنس إذ أن زيداً من جنس القوم، ويقولون: قام القوم إلا حمارا، فيستثنون من غير الجنس وهو المعروف بالاستثناء المنقطع، لأن الحمار ليس من جنس القوم، وهذا لا اختلاف فيه عند علماء العربية، ولم يثبت -ولله الحمد- خبر واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبليس كان من الملائكة. وقد وصف الله عز وجل الملائكة بأنهم: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، وقال عز وجل: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50].
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجن خُلقوا من النار، وأن الملائكة خلقوا من نور، وقال الله تبارك وتعالى في شأن إبليس لعنه الله: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]، فهذه أدلة قطعية يقينية في أن إبليس لم يكن من الملائكة.
وشمول الأمر له بالسجود في قوله عز وجل: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ} [الكهف: 50]، وإن كان متوجهاً في اللفظ للملائكة، فإنه من غير الممتنع في العقل واللسان أن يأمر الآمر أجناساً مختلفة ممن يُعْقَلُ توجُّه الأمر إليهم، ويكون اللفظ لأعلى هذه الأجناس قدراً، لأنه إذا أُمر الأعلى بالعمل فإن دخول الأدنى تحت هذا الأمر من باب أولى.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص99-100
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق