مدار التوبيخ في قوله تعالى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} هو نسيان أنفسهم من البر

والاستفهام في قوله عز وجل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ}[البقرة: 44]، للتوبيخ والتقريع والإنكار، ومدار التوبيخ والإنكار هو ما تدل عليه الجملة الثانية من هذه الجمل الثلاث وهو نسيان أنفسهم من البر، فالجملة الأولى من الجمل الثلاث وهي: أتأمرون الناس بالبر ليست محل توبيخ؛ فإن أمر الناس بالبر من أحسن ما يتقرب به العبد إلى الله عز وجل، والجملة الثالثة وهي قوله: {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ}، ليست محل تقريع وتوبيخ لذاتها؛ فإن تلاوة كتاب الله عز وجل من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله عز وجل كذلك، فالتقريع والتوبيخ منصبٌ على أن يَحْرِمَ الإنسان نفسه من البر في الوقت الذي يرشد فيه الناس إلى عمل البر.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص113