لا فرق بين (أنزل) و (نزَّل) إلا في تلوين الأسلوب
وفي قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}[البقرة: 57]، ردٌّ على من زعم أن (أنزل) تكون في ما نزل جملة، وأن (نزَّل) تكون في ما نَزَلَ على التدريج، لأنه لا نزاع أن المن والسلوى كانت تنزل على التدريج، وهم يضطرون إلى تأويل نحو قوله عز وجل: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [البقرة: 41]، بأن القرآن نزل جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، ثم نزل على التدريج في ثلاث وعشرين سنة منجَّما بحسب الوقائع، وهو مذهب غير سديد ذهب إليه الذين ينكرون كلام الله من أهل الأهواء، وقد ردَّ عليهم مفتي الديار السعودية السابق العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رسالة مطبوعة، وقال القرطبي في تفسير سورة القدر بعد أن ذكر ما قيل من أن القرآن نزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا إلى بيت العزة وأملاه جبريل على السَّفرة ثم كان جبريل ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما نجوما، ثم قال القرطبي: قال ابن العربي: وهذا باطل، ليس بين جبريل وبين الله واسطة، ولا بين جبريل ومحمد عليهما السلام واسطة.
ومما يؤيد أنه لا فرق بين (أنزل) و (نزَّل) إلا في تلوين الأسلوب، ما ذكره الله عز وجل عن العرب وهم أهل اللسان، حيث قالوا: (لولا نُزِّلَ عليه القرآن جملة واحدة) فهم أعرف خلق الله باللسان العربي، وسألوا: لماذا لم ينزل عليه القرآن جملة واحدة؟ فاستعملوا (نزَّل) في نزول الشيء جملة لا في التدريج مع أن الأمر في ذلك واسع كما بينت آنفاً.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص147-148
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق