التمهيد بالشيء لتوطين النفوس بتقبله أسلوب تربوي قرآني
قوله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115]، هذه بداية التمهيد لتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة قبلة إبراهيم وإسماعيل، وتوطين النفوس على ذلك قبل الأمر به، لعلم الله عز وجل أن المشركين الجاهلين وأهل الكتاب سيستغلون نسخ القبلة من جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة أسوأ استغلال للتشويش على المسلمين بعد أن فضح تناقض اليهود والنصارى، فبين عز وجل هنا أن الجهات كلها لله جل جلاله، وأن المسلم إذا توجه إلى جهة يأمره الله عز وجل بالتوجه إليها فهو على حق وهو محسنٌ في عمله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أردت هذا الوجه أي: هذه الجهة والناحية، ومنه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]، أي: قبلة الله ووِجهة الله، وبعد أن بيَّن أن معنى: (أينما تولوا) أي: تتوجهوا وتستقبلوا، قال: فإن قوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}، يدل على أن وجه الله هناك من المشرق والمغرب الذي هو لله، كما في آية القبلة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142].
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص255-256
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق