الحكم التكليفي "الحرام"

2020-06-27
خامساً: الحرام. هو في اللغة: مأخوذ من الحرمة وهي ما لا ينتهك. وفي الاصطلاح: ما توعد بالعقاب على فعله. وقيل: ما يذم فاعله شرعاً، فهو ضد الواجب.

خامساً: الحرام.

هو في اللغة: مأخوذ من الحرمة وهي ما لا ينتهك.

وفي الاصطلاح: ما توعد بالعقاب على فعله. وقيل: ما يذم فاعله شرعاً، فهو ضد الواجب.

والفعل الواحد بالنوع كالسجود مثلا يجوز أن يكون واجباً وحراماً، فالسجود لله تعالى واجب والسجود للصنم حرام.

والفعل الواحد بالعين، أي: بالشخص لا يمكن أن يكون واجباً وحراماً من جهة واحدة، كما لو قيل: صل هذه الظهر، لا تصل هذه الظهر.

وأما إذا كان من جهتين كالصلاة في الدار المغصوبة فلا يستحيل كونه واجباً من جهة وحراماً يعني من جهة أخرى. وقيل: يستحيل.

وقد اختلف في صحة الصلاة في الدار المغصوبة بناء على هذا الخلاف، فمن قال: لا يستحيل، قضى بصحة الصلاة؛ لأن هذا الفعل الواحد له وجهان متغايران هو مطلوب من أحدهما ممنوع من الآخر.

أما من قال: يستحيل فإنه قضى بعدم صحة الصلاة لتناقض كون الفعل الواحد حراماً واجباً.

والذين صححوا الصلاة في الدار المغصوبة قسموا النهي ثلاثة أقسام:

الأول: ما لا يرجع إلى ذات المنهي عنه فلا يصح كالوضوء باللبن والصلاة بلا وضوء.

الثاني: ما لا يرجع إلى ذات المنهي عنه ولا صفته فيصح الصلاة في الثوب الحرير والدار المغصوبة.

الثالث: ما لا يرجع إلى صفة النهي عنه كالصلاة في الأوراق المكروهة ففيه خلاف، قال الحنفية: هو فاسد غير باطل. وقال الحنابلة: هو باطل، وهو مذهب الشافعي.

هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟

لا خلاف في أن الأمر بالشيء ليس بنهي عن ضده من حيث الصيغة، فلفظ: قم، غير لفظ: لا تقعد.

وقد اختلفوا في إفادة الأمر بالشيء النهي عن ضده من حيث المعنى.

فقالت المعتزلة: الأمر بالشيء لا يفيد النهي عن الضد، لا بطريق المطابقة ولا التضمن ولا الالتزام، بدليل أن الآمر بالشيء قد يكون ذاهلاً عن ضده فلا يكون ناهياً عنه، ولو فرض عدم الذهول فلا يكون طالباً ترك الضد إلا من باب الضرورة، وأنه لا يتم الواجب إلا به.

وقال قوم: أن الأمر بالشيء نهي عن ضده من حيث المعنى؛ لأنه يستحيل فعل الشيء بدون ترك ضده.

وأجابوا عن دليل المعتزلة بأنه لا يلزم من الذهول عن الضد أن لا يكون نهياً عنه؛ لأن الأمر عندنا يفارق الإرادة.

وتظهر فائدة هذا الخلاف فيما لو قال الرجل لزوجته: (إن خالفت نهيي فأنت طالق)، ثم قال لها: (قومي)، فلم تقم. فعلى مذهب المعتزلة لا تطلق؛ لأنها لم تخالف النهي وإنما خالفت الأمر([1]).

 

 

 

[1]-  إمتاع العقول بروضة الأصول، عبد القادر شيبة الحمد ص5-12.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق