الخبر "المتواتر"

2020-06-27
المتواتر: تعريفه: هو في اللغة: المتتابع، وفي الاصطلاح: ما يرويه جمع تحيل العادة تواطؤهم أو توافقهم على الكذب.

المتواتر:

تعريفه: هو في اللغة: المتتابع، وفي الاصطلاح: ما يرويه جمع تحيل العادة تواطؤهم

أو توافقهم على الكذب.

شروطه

  1. أن يرويه جمع غير محصور.
  2. أن تحيل العادة تواطؤهم أو توافقهم على الكذب.
  3. أن يكونوا بهذه الصفة من أول السند إلى منتهاه.
  4. أن يكون منتهی استنادهم الحس کسمعت، ورأيت .

المتواتر يفيد العلم:

لا خلاف بين المسلمين في أن المتواتر يفيد العلم لأننا لا نشك في وجود الأنبياء، ولا في وجود الأئمة الأربعة، ولا في وجود (لندن) و (واشنطن) ولا يستريب النصارى في وجود مكة.

وخالف قوم من عبدة الأصنام في الهند يقال لهم السمُّنية فزعموا أن العلم لا يدرك بواسطة الأخبار وإن تواترت وإنما يستفاد بالحواس فقط، وهذا ظاهر الفساد لأننا نقطع بوجود البلدان النائية كأوربا وأمريكا وبوجود الأمم الخالية .

وحصول العلم بذلك ليس من جهة الحس ولا من جهة العقل وإنما حصل من جهة الخبر المتواتر.

على أن كل خلاف لا ينبغي أن يلتفت إليه فقد خالف السفسطائية في وجود المحسوسات وقالوا: حقائق الأشياء غير ثابتة، فأنكروا وجود انفسهم.

نوع العلم الذي يفيده المتواتر:

العلم ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري.

فالضروري هو الذي لا يتوقف على نظر و استدلال كقولك: السماء فوقنا والأرض تحتنا والواحد نصف الأثنين. ويسمى أيضاً قطعيا ويقينيا.

والنظري هو ما يحتاج إلى استدلال كقول المتكلمين استدلالاً على حدوث العالم: العالم متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث.

وقد ذهب الجمهور إلى أن المتواتر يفيد العلم الضروري، واختاره القاضي أبو يعلى، لأننا نجد أنفسنا مضطرين إلى تصديقه. ولا يختص بعلمه أهل النظر بل يشترك فيه الصبيان.

وذهب قوم منهم أبو الخطاب إلى أن المتواتر يفيد العلم النظري؛ لأنه لم يفد العلم بنفسه بل بواسطة النظر في طريق وصوله إلينا.

وهذا الخلاف لفظي كما جنح إليه الطوفي في مختصره؛ لأن القائل بأنه يفيد العلم الضروري لا ينازع في توقفه على النظر في هذا الطريق.

والقائل بأنه نظري لا ينازع في أن العقل يضطر إلى التصديق به.

هل يشترط في رواة المتواتر عدد معين؟

ذهب قوم إلى تخصيصه بأربعين أخذاً من العدد الذي تنعقد به الجمعة على قول.

وذهب قوم إلى تخصيصه بسبعين أخذاً من قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف: 155].

وذهب قوم إلى تخصيصه بعدد أهل بدر، وكل هذه المذاهب تحكمات فاسدة.

والصحيح أنه ليس له عدد محصور، فإننا لا ندري متى حصل علمنا بوجود مكة.

ولو قتل رجل في السوق وانصرف جماعة فأخبرونا بقتله فإن قول الأول منهم يحرك الظن، والثاني والثالث يؤكده، ولا يزال يتزايد على التدريج حتى يصير ضرورياً لا يمكننا أن نتشكك فيه كما يتزايد عقل الصبي المميز إلى أن يبلغ حد التكليف، وكما يتزايد ضوء الصبح إلى أن يصل إلى حد الكمال.

فإن قيل: كيف تعلمون حصول العلم بالمتواتر وأنتم لا تعلمون أقل عدده؟

فالجواب: كما نعلم أن الخبز مشبع والماء مرو والخمر مسكر، وإن كنا لا نعلم أقل مقدار يحصل به ذلك.

هذا، ولو أخبر عدد معين فحصل العلم الضروري بخبرهم فهل يكون كل خبر لهؤلاء محصلاً للعلم الضروري؟

ذهب القاضي أبو يعلى إلى أن كل عدد يفيد العلم في واقعة بعينها فإنه يفيده في كل واقعة مطلقاً.

وذهب قوم إلى أنه يكون كذلك إن تجرد الخبر عن القرائن، أما إذا انضمت إليه قرائن فإنه يختلف باختلاف الوقائع والأشخاص.

وهذا هو الصحيح فإنه لو أخبر عدد من الناس زيداً وعمراً بأن بكراً تزوج البارحة وكان زيد قد رأى بكراً قبلها يشتري جهاز العرس ولم يره عمرو فلا شك أن العلم الذي حصل لزيد بخبرهم يكون فوق العلم الذي يحصل لعمرو بخبرهم.

هل يشترط في رواة المتواتر أن يكونوا عدولاً أو مسلمين؟

لا يشترط في رواة المتواتر أن يكونوا عدولاً أو مسلمين؛ لأن إفادة المتواتر العلم من حيث إن العادة تحيل تواطؤهم أو توافقهم على الكذب، وهذا لا فرق فيه بين المسلمين والكفار والعدول والمتهمين.

وكما أن العادة تحيل تواطؤهم أو توافقهم على الإخبار بخبر كاذب، فإن العادة تحيل أيضاً تواطؤهم أو توافقهم على كتمان خبر.

وذهب الإمامية من الشيعة إلى أن ذلك جائز، وإنما ذهبوا إلى هذا القول لزعمهم أن الصحابة مع كثرتهم كتموا النص على إمامة علي رضي الله عنه، وهذا فاسد لأن كتمانهم الواقع في قوة قولهم: هذا لم يقع([1]).

 

 

[1] - إمتاع العقول بروضة الأصول: ص35-38.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق