المبين

2020-06-28
المبين: تعريفه: هو في اللغة: الموضح، وفي الاصطلاح: ما دل على معنى معين من غير إبهام، نحو: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].

المبين

تعريفه: هو في اللغة: الموضح، وفي الاصطلاح: ما دل على معنى معين من غير إبهام، نحو: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].

وقيل: هو إخراج الشيء من حيز الإشكال والغموض إلى حيز التجلي والوضوح نحو: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 20-21]، فإنه أزال غموض قوله: (هلوعا).

وهذا التعريف الأخير هو المشهور في تعريف المبين وهو خاص بما يقابل المجمل والتعريف الأول أعم.

 

بم يكون بيان المجمل؟

  1. إما بالكلام نحو: {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1-3]، وقد بين ذلك بقوله: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: 4].
  2. أو بالكتابة مثل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عماله في الصدقات.
  3. أو بالإشارة نحو الشهر هكذا وهكذا وأشار بأصابعه.
  4. أو بالفعل کتبیینه صلى الله عليه وسلم الصلاة والحج بفعله.

 

هل يشترط في البيان سبق إجمال؟

لا يشترط في البيان سبق إجمال على التعريف الأول فقد يأتي البيان دون إجمال سابق نحو: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحجرات: 16]، وقد يأتي بعد إجمال نحو: {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1-2]... إلخ.

أما على التعريف الثاني فإنه يشترط أن يسبقه إجمال نحو: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: 17]... إلخ.

 

جواز بيان مجمل الكتاب بالسنة:

يجوز بيان مجمل الكتاب بالسنة الصحيحة متواترةً وآحاداً؛ لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وهذا يشمل بيان مجمله وتخصيص عمومه وتقييد مطلقه.

فمثال بيان مجمله: قوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)، فإنه بيان للسبيل في قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15].

ومثال تخصيص عمومه قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها)، فإنه مخصص لعموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24].

ومثال تقييد مطلقه قوله صلى الله عليه وسلم: (حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)، فإنه تقييد لقوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].

 

متى يجب البيان؟

لا خلاف عند أهل الحق في أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كأن يقول: فرضت عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة، ثم يؤخر بیان مواقيتها وعدد ركعاتها بعد دخول وقت وجوبها؛ لأنه يكون تكليفاً بما لا يطاق.

وقد اختلف العلماء في جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب بالمجمل إلى وقت الحاجة إليه والعمل به كأن يقول: (فرضت عليكم خمس صوات في اليوم والليلة)، ولم يبين مواقيتها ولا عدد ركعاتها مثلاً، إلى أن يقرب وقت العمل بها فيبين ذلك.

فذهب قوم منهم القاضي أبو يعلى إلى جواز ذلك مطلقاً، واستدلوا بقوله تعالى لنوح: {احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: 40]، ولم يبين أن ولده المقدر غرقه ليس من أهله حتى قال نوح: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: 45]، فقال تعالى: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46].

ونحو قوله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41]، مع أنه لم يبين المراد بذي القربى حتى سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هم (بنو هاشم وبنو المطلب)، مع أن ذوي القربى يشملون أيضاً بني عبد شمس وبني نوفل إذ الكل من بني عبد مناف.

وذهب قوم منهم أبو الحسن التميمي إلى أنه لا يجوز مطلقاً؛ لأنه يكون خطاباً بما لا يفهم فيصير كمخاطبة العجمي بالعربية وهو عبث.

وقال قوم: يجوز تأخير بيان المجمل إلى وقت الحاجة، ولا يجوز تأخير البيان إن كان من باب تخصيص العموم لعدم الضرر في تأخير بيان المجمل إلى وقت الحاجة إذ لا يعمل بأحد معانيه حتى تبين، بخلاف تأخير بيان المراد بالعموم فإنه يوقع في الضرر إذ لو قال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، ولم يخصصه في الحال لأدى إلى قتل الذِّمي والمستأمن والنساء مع أنه لا يجوز قتلهم.

والمختار: القول الأول؛ لأنه لا ضرر في التأخير إلى وقت الحاجة؛ ولأن منع الجواز يؤدي إلى إنكار الخطاب المجمل؛ ولأن الخطاب بالمجمل دون بيان في الحال لا يكون عبثاً، فإن من فائدته التشويق إلى المراد فإذا بُيِّن بعد ذلك كان أوقع في النفس.

والعام إن أريد به الخصوص من أول الأمر فهو مبين في الحال ولا إشكال، وإن أريد به العموم ثم دخله التخصيص وهو العام المخصوص فلا ضرر فيه أيضا؛ لأن عمومه يبقى مرادا إلى أن يدخله التخصيص ([1]).

 

 

[1]-  روضة الأصول ص79-81.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق