المطلق والمقيد
المطلق والمقيد
تعريف:
المطلق لغة المرسل . وفي الاصطلاح: هو اللفظ الدال على ذات بلا قید کرقبة في قوله تعالی: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89]، وهذا التعريف يشمل اسم الجنس إذ هو في معنى المطلق.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن النكرة في معنى المطلق أيضا، وعرفوا المطلق على هذا بأنه: ما دل على واحد شائع في جنسه.
وثمرة الخلاف تظهر فيمن قال لزوجته الحامل: أنت طالق إن ولدت ذكرا، فولدت ذكرين: فعلى التعريف الأول تطلق حملا على الجنس، وعلى التعريف الثاني لا تطلق نظرا للتنكير المشعر بالتوحيد.
والمقيد في اللغة: موضع القيد من رجل الفرس ، وما لبد من بعير ونحوه، وهو ضد المطلق.
وفي الاصطلاح: هو اللفظ الدال على ذات باعتبار اتصافها بمعنی زائد على الذات: کرقبة مؤمنة في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]، وكثلاثة أيام متتابعة في قراءة ابن مسعود : (فصيام ثلاثة أيام متتابعة).
هذا، وقد يكون اللفظ مطلقا باعتبار، مقيدا باعتبار آخر، کرقبة مؤمنة، فإنها مقيدة بوصف الإيمان مطلقة باعتبار السلامة والمرض والطول والقصر ونحو ذلك
محل بحث الإطلاق والتقييد:
واللفظ إذا ورد مطلقا ولم يرد تقییده، أو ورد مقيداً ولم يرد إطلاقه فلا محل لبحثه هنا، وإنما محل البحث هنا عند ورود اللفظ مطلقا مرة ومقيدا مرة أخرى، كقوله : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3]، وقوله : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92].
أقسام المطلق والمقيد:
- أن يتحد حكمهما وسببهما كالصوم في كفارة اليمين، فقد ورد فيه نص مطلق، وهو قوله: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89]، وورد فيه نص مقيد وهو قراءة ابن مسعود: (فصيام ثلاثة أيام متتابعة).
فالجمهور على أنه يجب في هذا القسم حمل المطلق على المقيد وتقيده بقيده.
ونسب الشيخ الموفق ابن قدامة إلى أبي حنيفة أنه لا يحمل المطلق على المقيد هنا بدعوى أن القيد زبادة على النص، والزيادة على نص نسخ عنده، وهذا الحمل يعتبر قياساً، ولا نسخ بالقياس.
- أن يتحد الحكم ويختلف السبب، كالعتق في كفارة الظهار، والقتل، فقد قيدت الرقبة في كفارة القتل بالإيمان وأطلق في الظهار، والحكم متحد وهو عتق الرقبة، والسبب مختلف وهو الظهار والقتل.
وقد روي عن أحمد وأكثر الحنفية وبعض الشافية: أنه لا يحمل المطلق على المقيد هنا لإمكان العمل بكل واحد منهما.
وقال قوم: يحمل عليه مستدلين بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وقوله في آية المداينة: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282]، ولا يجوز إلا عدل. فكان هذا دليلاً على حمل المطلق على المقيد في هذا القسم أيضاً.
- أن يختلف الحكم ويتحد السبب، كالصوم والعتق والإطعام في كفارة الظهار، فالصوم والعتق قيِّدا بقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]، واطلق الإطعام فلم يقيد بهذا التقيد، والسبب واحد.
ومذهب عامة أهل العلم على أنه لا يحمل المطلق على المقيد هنا؛ لأن فائدة حمل المطلق على المقيد اتحاد الحكم والتخلص من تعدده وتعارضه اللذان هما على خلاص الأصل. فإذا كان حكمهما مختلفاً بالنص امتنعت الفائدة من حمل المطلق على المقيد.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحمل المطلق على المقيد هنا، فقيِّدوا الإطعام في الظهار بكونه قبل المسيس؛ نظراً لاتحاد السبب؛ ولأن العرب تقيد في موضع وتطلق في موضع آخر ثقة بالمقيد على حد قوله:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف.
وعلى حد قوله:
وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني.
- أن يختلف الحكم والسبب، كاليد في الوضوء وردت مقيدة بالمرفق، واليد في السرقة وردت مطلقة، والحكم مختلف وهو الغسل والقطع، والسبب مختلف وهو الوضوء والسرقة.
وهذا القسم انعقد إجماع أهل العلم على أنه لا يحمل فيه المطلق على المقيد([1]).
[1]- روضة الأصول ص107-109.
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق