هل يحتج بالعام المخصوص؟

2020-06-28
هل يحتج بالعام المخصوص؟ اختلف العلماء في العام الذي دخله التخصيص هل تبقى حجيته في الأفراد الباقية التي لن تخص؟

هل يحتج بالعام المخصوص؟

اختلف العلماء في العام الذي دخله التخصيص هل تبقى حجيته في الأفراد الباقية التي لن تخص؟

فذهب الجمهور إلى أنه حجة مطلقاً؛ لأن الصحابة كانوا يحتجون به من غير نكير، ولأنه كان متناولاً للأفراد الباقية قبل أن يخصص، والأصل بقاؤه على ما كان عليه.

وقيل: هو حجة إن خص بمعين أي بمعلوم، كأن يقول: اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة، بخلاف المبهم نحو إلا بعضهم، إذ ما من فرد إلا ويجوز أن يكون هو المخرج.

وقيل: هو حجة إن خص بمتصل كالاستثناء والشرط والصفة والغاية، وبدل البعض؛ لأن عموم الباقي مفهوم عند النطق بالعام، بخلاف المخصص المنفصل فإنه يحتمل أن الباقي قد دخله تخصيص آخر فيشك في الباقي فلا يكون حجة.

وقيل: هو حجة في أقل الجمع؛ لأنه المتيقن وما عداه مشكوك فيه لاحتمال أن يكون الباقي بعد التخصيص دخله تخصيص آخر.

وقال أبو ثور وعيسى بن أبان: ليس العام المخصوص بحجة مطلقاً؛ لأنه لما خص خرج عن وضعه إذ يحتمل أن خص بغير ما ظهر أيضاً فلا يتبين المراد فيما بقي إلا بقرينة ولا قرينة فيصير مجملاً إذ إنه متردد بين الباقي وأقل الجمع وما بينهما.

والمختار القول الأول؛ لأن قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ...} [النساء: 24]، خاص بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، ولا نزاع في حجيته بعد ذلك. على أن إنكار حجيته يؤدي إلى إبطال أكثر الأحكام؛ لأنه ما من عام إلا وقد خص ما عدا اليسير.

والتخصيص لا يقدح في دلالة اللفظ على الباقي إذ إنه لا يضر مجرد احتمال مخصص آخر، فالشك مطرح والواجب العمل بالباقي حتى نعلم بمخصص آخر.

هل يجوز تخصيص العام حتى لا يبقى منه إلا فرد واحد؟

اختلف في ذلك أهل العلم، فقال قوم: يجوز مطلقاً؛ لأن العام يتناول الواحد فيجوز قصره عليه.

وقال قوم: يجوز إن لم يكن لفظ العام جمعاً، كأن يكون "من" أو المفرد المحلى ب "ال"، أما إذا كان لفظ العام جمعاً كالمسلمين، فإنه لا يخص إلا إلى أقل الجمع.

وهذا هو المختار؛ لأن إطلاق لفظ العموم جمعاً، ثم إخراج سائر الأفراد سوى فرد واحد شاذ لغة وعرفاً. وهذا بخلاف العام الذي أريد به الخصوص فإن عمومه لم يرد أصلاً، وإنما عبر فيه بلفظ العام لقصد الإبهام.

وقال قوم: لا يجوز تخصيصه إلى واحد مطلقاً، بل لا بد من بقاء أقل الجمع بدعوى أنه لو نقص عن أقل الجمع لخرج عن كون اللفظ عاماً([1]).

 

 

[1]-  روضة الأصول ص105-107.

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق