الكذب على الله وعلى الأنبياء ليس كالكذب على غيرهم
وقوله تبارك وتعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 140]، هو وعيد شديد لليهود والنصارى المفترين على الله عز وجل وعلى انبيائه وإنذار لهم بأن أعمالهم السيئة مسجّلة عليهم لا يغفل الله عنها ولا ينسى شيئاً منها وسيجزيهم بها ويؤاخذهم عليها، وتذييل هذه الآية الكريمة بهذا الوعيد الشديد للتنبيه على أن الكذب على الله تعالى وعلى الأنبياء ليس كالكذب على غيرهم، وأن كتمان الشهادة الكائنة من الله ليس ككتمان شهادة كائنة من عند غير الله، مع أن كتمان الشهادة الكائنة من عند غير الله فيها إثم عظيم، ولذلك حذّر الله تبارك وتعالى من ذلك في غير موضع من القرآن الكريم حيث يقول: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283].
ويقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: 106].
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذين يكذبون على الله ينادى عليهم يوم القيامة على رؤوس الخلائق ويلعنون، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ للبخاري من طريق صفوان بن محرز المازني قال: بينما أنا أمشي، مع ابن عمر رضي الله عنهما آخذ بيده، إذ عرض رجل، فقال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافقون، فيقول الأشهاد: {هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}).
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص304-305
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق