لا معارضة بين تصريح القرآن بتفضيل بعض الأنبياء على بعض وبين ما ورد من النهي عن تفضيل بعض الأنبياء على بعض
قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 253].
وقد أجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين جميعاً، ولا شك أن القرآن الكريم قد صرح بتفضيل بعض الأنبياء على بعض في هذا المقام الكريم من سورة البقرة، وفي سورة الإسراء.
ولا معارضة بين هذا التصريح بتفضيل بعض الأنبياء على بعض وبين ما ورد من الأحاديث الكثيرة الصحيحة التي قد يفهم منها النهي عن تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم، أو تفضيل بعض الأنبياء على بعض، كما روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما يهودي يعرض سلعته، أُعْطِيَ بها شيئا كَرِهه أو لم يَرْضَهُ، قال: لا، والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فلطم وجهه، قال: تقول: والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا، وقال: فلان لطم وجهي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِمَ لَطَمْتَ وجهه؟)، قال: قال يا رسول الله: والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر، وأنت بين أظهرنا، قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه، ثم قال: (لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه يُنْفَخُ في الصور، فيُصْعَق من في السموات ومن في الأرض، إلا من شاء الله)، قال: (ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أوّل من بُعِثَ، فإذا موسى عليه السلام آخذ بالعرش، فلا أدري أحُوسِبَ بصَعْقته يوم الطّور، أم بُعِثَ قبلي؟ ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متى). فهذا الحديث ونحوه محمول على أنه من باب تواضعه صلى الله عليه وسلم إذ أنّ تواضع الرّفيع القدر لا يُنزل من قدره.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 2/164-166
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق