توجيه الخطاب في قوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ}، إلى الكل مع إسناد الدعوة إلى البعض؛ لتحقيق معنى فرضيتها على الكفاية
وقوله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104]، أي: ولتوجد منكم جماعةٌ قائدة رائدةٌ داعيةٌ إلى الخير وآمرة بالمعروف وناهيةٌ عن المنكر.
و (مِن) في قوله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ} يحتمل أن تكون تبعيضية، وذلك لأن هذه المهمة الشريفة الجليلة لا يقدر على القيام بها إلا أهل العلم والمعرفة والنفوس العالية، وليس كل الناس قادرين على ذلك بدليل قوله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]، ويحتمل أن تكون (مِن) لبيان الجنس، أي: كونوا أمةً داعية إلى الخير وأمرة بالمعروف وناهية عن المنكر.
وعلى كل حال فإن توجيه الخطاب إلى الكل مع اسناد الدعوة إلى البعض لتحقيق معنى فرضيتها على الكفاية، وأنها متحتّمة على الجميع إلا أنه إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، ولو أخلّ بها الكلّ أثموا جميعاً كسائر فروض الكفاية.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: 3/27-28
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق