الاستدلال من السنة على حجية القياس
فقد وردت أحاديث كثيرة ترشد إلى العمل بالقياس، وإن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، وتدلل على علل الأحكام والأوصاف المؤثرة فيها التي ترتبط بارتباطها، وتتعدى بتعدي أوصافها وعللها.
فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود، وإني أنكرته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل لك من إبل؟)، قال: نعم، قال: (فما لونها؟)، قال: حمر، قال: (هل فيها من أورق؟)، قال: إن فيها لورقا، قال: (فأنى ترى ذلك جاءها)، قال: يا رسول الله، عرق نزعه، قال: (ولعل هذا عرق نزعه). وقد ترجم البخاري على هذا الحديث، فقال رحمه الله: (باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين قد بين الله حكمها؛ ليفهم السائل)، ففي هذا الحديث إلحاق النظير بالنظير، وفيه معنى القياس.
ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما، من حديث ابن عباس رضي الله عنهم أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال: (نعم، حجي عنها)، ثم قال: (أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟)، قالت: نعم، فقال: (اقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء). ففي هذا الحديث تنبيه جلي من صلى الله عليه وسلم على قياس دين الله على دين الآدمي، بجامع أن الكل حق مطلوب من الإنسان، وأنه يقضى عنه بدفعه لمستحقه.
ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وفي بضع أحدكم صدقة). قالوا: يا رسول الله، يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيه أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان يكون عليه وزر؟)، قالوا: نعم. قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر). فهذا قياس جلي بين، ففيه إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لثبوت ضد علته فيه.
إثبات القياس في الشريعة الإسلامية والرد على منكريه، ص25-27
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق