تحقيق حديث معاذ في القياس، والرد على من زعم فساد معناه

2020-06-25
تحقيق حديث معاذ في القياس، والرد على من زعم فساد معناه
الفائدة الرابعة عشر من كتاب إثبات القياس في الشريعة الإسلامية والرد على منكريه للشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول تحقيق حديث معاذ في القياس، والرد على من زعم فساد معناه.

ومن ذلك ما روي من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لما بعثه إلى اليمن: بم تقضي؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد. قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن لم تجد. قال: أجتهد رأيي، وفي رواية: نقيس الأمر بالأمر، فما كان إلى الحق عملت به. قال: أصبت وضرب على صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ما يحبه الله ورسوله.

وقد طعن بعض الناس على هذا الحديث بأن معناه فاسد؛ لأن فيه تقديم الكتاب على السنة والكتاب لا يقدم على السنة.

وهذا في الواقع جهل شنيع، فقد ثبت عن الجم الغفير من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التصريح بتقديم الكتاب على السنة: منهم عمر وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، فقد كتب عمر -رضي الله عنه- إلى شريح رحمه الله: اقض بما في كتاب الله، فإن لم تجد فبما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم تجد فبما قضى به الصالحون من قبلك.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وعمر قدم الكتاب، ثم السنة، وكذلك ابن مسعود قال مثل ما قال عمر قدم الكتاب ثم السنة ثم الإجماع، وكذلك ابن عباس كان يفتي بما في الكتاب، ثم بما في السنة، ثم بسنة أبي بكر وعمر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر).

وهذه الآثار ثابتة عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وهو من أشهر الصحابة في الفتيا والقضاء.

وقال أبو عبيد الله رحمه الله في كتاب القضاء: حدثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن وجد فيها ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بقضاء فربما قام إليه القوم فيقولون: قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم جمع رؤساء الناس واستشارهم، فإذا أجمع رأيهم على شيء قضى به.

وبهذه النقول الصحيحة الثابتة عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، في تقديم الكتاب على السنة، والسنة على غيرها، يظهر بطلان قول من طعن على حديث معاذ بفساد معناه لما قدمناه.

إثبات القياس في الشريعة الإسلامية والرد على منكريه، ص28-31

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق