الأنبياء متفقون في أصول الشريعة ولكل رسول منهج يلائم أمته
ومعنى قوله -عز وجل-: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، أي: فانهج منهجهم واتبع سبيلهم والزم هداهم في الاستمساك بشريعة الله، والوقوف عند حدوده فيما يوحَى إليك كما التزموا بحدود الله فيما أَوْحى إليهم، وما شرع لهم، كما قال -عز وجل-: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13]،ولا خلاف عند أهل العلم في أن الأنبياء متفقون في أصول الشريعة وأنَّ لكل رسول من رسل الله -صلى الله عليهم وسلم- منهجاً يلائم أمته، كما قال -عز وجل-: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، فما ثبت نسخه من شرائع الأنبياء السابقين فإنه لا يعمل به بعد النسخ، وقد اقتدى رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بداود -عليه السلام- في السجدة.
فقد روى البخاري في تفسير سورة الأنعام: بإسناده عن مجاهد أنه سأل ابن عباس: أفي ص سجدة؟ فقال: نعم، ثم تلا: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}، إلى قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، ثم قال: هو منهم، زاد بعض الرواة عن مجاهد، قلت لابن عباس، فقال: نبيكم -صلى الله عليه وسلم- ممن أمر أن يقتدي بهم.
وقال البخاري في تفسير سورة ص: بإسناده عن العوام، قال: سألت مجاهدا، عن السجدة في ص، قال: سئل ابن عباس فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، وكان ابن عباس يسجد فيها، حدثني محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوام، قال: سألت مجاهدا، عن سجدة في ص، فقال: سألت ابن عباس: من أين سجدت؟ فقال: أوما تقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ}. {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، فكان داود ممن أمر نبيكم -صلى الله عليه وسلم- أن يقتدي به، فسجدها داود -عليه السلام-، فسجدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص20-21
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق