قاعدة سد الذرائع التي لا غنى للحكام والدعاة عنها

2020-09-02
قاعدة سد الذرائع التي لا غنى للحكام والدعاة عنها
الفائدة التاسعة والسبعون من لطائف قرآنية من تفسير سورة الأنعام من كتاب تجريد التأويل لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول قاعدة سد الذرائع التي لا غنى للحكام والدعاة عنها.

وقوله -تبارك وتعالى-: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108]، هذه الآية الكريمة ترشد إلى قاعدة جليلة من قواعد وأصول السياسة الشرعية التي لا غنى عنها للراعي والرعية، وهي تمثل صورةً من صور الحكمة التي ينبغي لدعاة الهدى أن يَتَحَلَّوْا بها المشار إليها في قوله -عز وجل-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]، وكما قال -عز وجل- لموسى وهارون عليهما السلام لما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44].

وقد نبهت هذه الآية الكريمة إلى أن الشيء قد يكون مشروعاً في الأصل لكن فعله في بعض الحالات قد يكون وسيلة إلى ارتكاب محظور يفوق مصلحته ويؤدي إلى مفسدة أكبر وأخطر، والمعلوم من هَدْي الدين سدُّ ذرائع الشر والفساد، وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وأن أكبر الشَّرَّين يُدْفَعُ بأخفهما، فلو تساوت المصلحة مع المفسدة ترك الفعل لدرء المفسدة فما بالُك لو كانت المفسدة التي تترتب عليه أكبر؟ ولذلك نهى الله -عز وجل- المسلمين في هذا المقام الكريم من كتابه العظيم عن سب أصنام المشركين مع أن هذه الأصنام مستحقة للسب والشتم.

لكن إذا كان سبُّها يؤدي إلى اندفاع أوليائها حتى يفقدُوا شعورهم فيسبوا الله -عز وجل- عَدْوًا بغير علم مع أنهم كانوا يعتقدون أن الله أكبر من آلهتهم لكنهم يعمهون عن ذلك بسبب ما استثارهم من سب آلهتهم، فيحملهم جَهْلُهُم وتسرُّعُهم وحماقتهم على سب الله -عز وجل-.

تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص46-47

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق