قول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} أجمع آية في مكارم الأخلاق
والمراد بالعفو في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، معاملة الناس بالإحسان وترك التشدد معهم في كل ما يتعلق بالحقوق المالية والتخلق بالخلق الطيب وترك الغلظة والفظاظة التي أشار الله -عز وجل- إليها في قوله -تبارك وتعالى-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]، والمراد بالعُرْفِ المعروف، والمراد بالإعراض عن الجاهلين هو الصبر على أذاهم كما قال -عز وجل-: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14ٍ]، وهذه أجمع آية في القرآن لمكارم الأخلاق.
وقد قال البخاري في صحيحه: بابٌ ((خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين)) العرف المعروف. حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولا كانوا أو شبانا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، هل لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هِيْ يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله.
حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199]، قال: ما أنزل الله إلا في أخلاق الناس، وقال عبد الله بن براد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، أو كما قال. ا ه
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص349-350
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق