إن زاد عدد الكفار على اثنين أمام الواحد فله أن يفر ولا حرج عليه
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 65-66].
وقد دلت الآية الأولى على أنه لا يحل للواحد من المؤمنين أن يفر من عشرة من الكافرين، فإن زاد عدد الكفار عن عشرة أمام الواحد المؤمن فله أن يفر ولا حرج عليه، وقد نسخت الآية الثانية هذا الحكم فأوجبت على الواحد المؤمن أن يثبت أمام الرجلين من الكفار، فإن زاد عدد الكفار على اثنين أمام الواحد المؤمن فله أن يفر ولا حرج عليه.
قال البخاري رحمه الله في كتاب التفسير في صحيحه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}. حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا سفيان عن عمرو عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: لما نزلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، فكُتب ألا يفر واحد من عشرة –فقال سفيان غير مرة- أن لا يفر عشرون من مائتين. ثم نزلت: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}، الآية، فكتب أن لا يفر مائة من مائتين –زاد سفيان مرة: نزلت: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ}، قال سفيان: وقال ابن شبرمة: وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا.
ثم قال البخاري: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا} الآية، إلى قوله: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، حدثنا يحيى بن عبد الله السلمي، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا جرير بن حازم، قال: أخبرني الزبير بن خريت، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: " لما نزلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، شق ذلك على المسلمين، حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة، فجاء التخفيف، فقال: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، قال: فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم ا ه.
تهذيب التفسير وتجريد التأويل: ص32-33
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق