وجوب الغسل من الإيلاج وإن لم يكن منه إنزال

2020-06-17
وجوب الغسل من الإيلاج وإن لم يكن منه إنزال
الفائدة الخامسة والأربعون من فوائد كتاب فقه الإسلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد والتي تدور حول وجوب الغسل من الإيلاج وإن لم يكن منه إنزال.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)، متفق عليه، زاد مسلم: (وإن لم ينزل).

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إذا قعد بين شعبها الأربع ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل)، رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه ولفظه: (إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل)، والمراد بالختان هنا موضع الخقتن، والختن في المرأة قطع جلدة في أعلى الفرج مجاورة لمخرج البول كعرف الديك ويسمى الخفاض وفي الذكر قطع الجلدة التي تغطى الحشفة، والمراد بمس الختان الختان هنا هو تواري الحشفة في الفرج، وهذا يعارض حديث أبى سعيد المتقدم، ويعارض كذلك ما رواه البخاري عن عثمان أنه سئل عمن جامع فلم يمن؟ فقال: يتوضأ إلخ الحديث.

والحق أن الحكم الذى أفاده حديث أبي سعيد وعثمان منسوخ، وأن هذا كان رخصة رخص بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بدء الإسلام ثم نسخت هذه الرخصة وأصبح الغسل فرضًا على من جامع امرأته ولم ينزل، فقد روى أبو داود وأحمد عن أبي بن كعب قال: إن الفتيا التي كانوا يقولون: "الماء من الماء رخصة كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رخص بها في أول الاسلام ثم أمرنا بالاغتسال بعدها"، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان وقال الإسماعيلي: إنه صحيح على شرط البخاري. وفى لفظ: "إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الاسلام ثم نهى عنها"، رواه الترمذي وصححه، وقد روى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن رجلا سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل -وعائشة جالسة- فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل)، وهذا كله صريح في أن الماء من الماء إنما كان في أول الأمرين، وأن وجوب الغسل على من جامع فلم ينزل هو آخر الأمرين، وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] يعضد وجوب الغسل، قال الشافعي: إن كلام العرب يقتضى أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال، قال: فإن كل من خوطب بأن فلانًا أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل، قال: ولم يختلف أن الزنا الذى يجب به الحد هو الجماع ولو لم يكن منه إنزال، انتهى.

فقه الإسلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام: ص98-100

التصنيفات

التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق