غسل الجمعة واجب على كل بالغ مدرك يذهب للصلاة
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) أخرجه السبعة.
هذا الحديث له طرق كثيرة وقد رواه الجماعة أيضًا عن عبد اللَّه ابن عمر بلفظ: (إذا جاء أحدًا إلى الجمعة فليغتسل) وعد ابن مندة من رواه عن نافع فبلغوا فوق ثلاثمائة نفس، وعد من رواه من الصحابة غير ابن عمر فبلغوا أربعة وعشرين صحابيًا، قال الحافظ: وقد جمعت طرقه عن نافع فبلغوا مائة وعشرين نفسًا، وفى رواية لمسلم: (إذا أراد أحدًا أن يأتي الجمعة فليغتسل)، وروى الشيخان أيضًا عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا يغسل فيه رأسه وجسده) وقد بين في الروايات الآخر أن هذا اليوم هو يوم الجمعة.
وروى الشيخان أيضًا عن ابن عمر أن عمر (بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين فناداه عمر: آية ساعة هذه؟ فقال: إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت! فقال: والوضوء أيضًا؟ وقد علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر بالغسل) والرجل هو عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه.
وهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بوجوب الغسل يوم الجمعة على كل بالغ يذهب لصلاة الجمعة، ولا يعارضها ما روي عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (من توضأ للجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فذلك أفضل)، فإن هذا الحديث معلول قال البزار وغيره: إن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، وقيل لم يسمع منه شيئًا وإنما يحدث من كتابه، فلا يقوى حديث سمرة هذا على معارضة المتفق عليه المجمع على صحته، وأما ما أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أن الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام) فقد قال الحافظ في الفتح: ليس فيه نفي الغسل، وأما ما روي في بعض طرق حديث أبى سعيد: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه)، متفق عليه، فإن عطف ما ليس بواجب وهو السواك والطيب على الغسل لا يدل على نفى وجوب الغسل إذ أن دلالة الاقتران ضعيفة ولا سيما بجنب مثل هذه الأحاديث، وقد قال ابن الجوزي: إنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب لا سيما لم يقع التصريح بحكم المعطوف، وقال ابن المنير: لم ينفع دفع الوجوب بعطف ما ليس بواجب عليه لأن للقائل أن يقول: خرج بدليل فبقى ما عداه على الأصل.
هذا وقد حكى الخطابي وغيره الإجماع على أن الغسل ليس شرطًا في الصلاة وأنها تصح بدونه، ولهذا صلى عثمان الجمعة، وإنما في تركه الاثم مع عدم العذر.
فقه الإسلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام: ص104-106
-
2024-06-25 توحيد الربوبية وضلال الكفار
-
2024-06-25 بداية دخول الشرك على البشرية
-
2024-06-25 بيان ضلال نظريات فرويد
التعليقات (0 تعليق) إضافة تعليق